اللواء /رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي لجريدة الجمهرية أمن وحماية قناتنا:-
كثب /ايمن بحر
بعد أيّام من قرار المملكة العربيّة السعوديّة وقف تصدير النفط عبر مضيق باب المندب، الغت السعوديّة ذلك القرار تحت ضغوط ومساعٍ مصريّة، ولا تزال آراء المحلّلين الإقتصاديّين تتباين بين إيمان البعض بالتأثير الإيجابىّ لإلغاء القرار ومحدوديّة التأثير السلبىّ للقرار.
القاهرة - أعلن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنيّة السعودىّ خالد عبد العزيز الفالح، إستئناف المملكة تصدير النفط عبر مضيق باب المندب، بعدما كانت قد علّقت شحناتها النفطيّة كافّة المقرّر مرورها عبر المضيق منذ 26 تمّوز/يوليو، إثر هجوم من ميليشيات الحوثىّ فى اليمن على ناقلتى نفط سعوديّتين أثناء مرورهما فى اليوم نفسه.
وجاء قرار عودة تصدير النفط عبر باب المندب عقب ساعات من إنتهاء التدريبات البحريّة المشتركة فى البحر الأحمر بين الولايات المتّحدة الأميركيّة ومصر والسعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة، وهى التدريبات العسكريّة التى عرفت بإسم "تحيّة النسر 2018" واستمرّت من 26 تمّوز/يوليو وحتّى 4 آب/أغسطس، وكشف مصدر مطّلع فى هيئة قناة السويس، مفضّلاً عدم ذكر إسمه، أنّ السلطات العسكريّة المصريّة تفاوضت مع السلطات العسكريّة السعوديّة على هامش التدريب على سرعة إنهاء تعليق تصدير النفط عبر باب المندب، وقال المصدر المطّلع فى تصريحات مقتضبة إنّ تعليق تصدير النفط السعودىّ عبر باب المندب كان سيتسبّب فى أزمة كبرى للملاحة فى قناة السويس التى تأمل الدولة المصريّة أن تكون قاطرة لدفع الإقتصاد المصرىّ الى الأمام فى السنوات المقبلة، من خلال تنمية محور قناة السويس بعدد من المشاريع الصناعيّة والزراعيّة واللوجيسيتيّة، مشيراً الى أنّ القرار السعودىّ كاد يعطّل الطموحات المصريّة فى قناة السويس.
ويذكر أنّ رئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش قال فى تصريحات صحفيّة، تعليقاً على القرار السعودىّ، إنّ القيادة السياسيّة المصريّة أوصت بدراسة أبعاد إستهداف الحوثيّين فى اليمن ناقلات النفط السعوديّة فى باب المندب على قناة السويس سياسيّاً وماليّاً وعسكريّاً، مشيراً الى أنّ الهيئة تعكف فى الوقت الحالىّ على دراسة هذا الحدث وتداعياته، وشدّد على أنّ الدول المعنيّة بأمن البحر الأحمر ستّتخذ إجراءات تأمين لمنع تكرار هذا الحدث مرّة أخرى، مضيفاً: "الحوثيّون يطوّرون أدائهم، ونحن سنطوّر أداءنا للدفاع عن أهدافنا الحيويّة".
وفي هذا السياق، قال أستاذ الإقتصاد الدولىّ في كلّيّة التجارة فى جامعة الأزهر مختار الشريف إنّ "مصر حقّقت نجاحاً بإقناعها السعوديّة بإعادة تصدير النفط عبر باب المندب"، مشيراً الى أنّ مرور ناقلات النفط من موانئ شرق السعوديّة الى مضيق هرمز ثمّ البحر العربىّ وباب المندب الى البحر الأحمر وقناة السويس يمثّل عنصراً مهمّاً للإقتصاد المصرىّ، وأنّ تعليق أىّ دولة تجارتها من خلاله يمثّل من دون شكّ خسارة فادحة لقناة السويس، وحذّر الشريف من تكرار توجيه الحوثيّين ضربات الى ناقلات النفط السعودىّ، مشيراً الى أنّ قناة السويس تساهم بحوالى 2,2% من الناتج المحلّىّ الإجمالى لمصر، وفقاً لإحصاءات عام 2017، كما أنّها تعدّ أحد المصادر الخمسة الأولى للعملة الصعبة بعدما عانت مصر تراجعاً فى موارد النقد الأجنبىّ فى عامى 2015 و2016.
وقال أستاذ النقل البحرىّ ورئيس جامعة قناة السويس الأسبق على البسيونى "إنّ أضرار التوتّرات فى باب المندب والقرار السعودىّ كانت طفيفة ومحدودة على الإقتصاد المصرىّ"، مفسّراً ذلك بأنّ أغلب صادرات النفط السعودىّ تتّجه من السواحل الغربيّة للسعوديّة على البحر الأحمر الى قناة السويس مباشرةً، وأشار الى أنّ توتّرات باب المندب ستؤثّر على صادرات النفط من الموانئ على السواحل الشرقيّة للسعوديّة والتى تمرّ من هرمز الى البحر العربىّ ومنه الى باب المندب ثمّ البحر الأحمر وقناة السويس، ولفت الى أنّه من الممكن تمرير صادرات النفط السعوديّة برّاً من شرق المملكة الى غربها، ثمّ تسلك تلك الصادرات مسار البحر الأحمر ثمّ قناة السويس، من دون المرور بباب المندب على الإطلاق، "لذلك يبدو التأثير محدوداً الى حدّ كبير"، على حدّ قوله.
واتّفق معه فى الرأى الخبير والمستشار اللوجيستىّ لعدد من شركات النقل البحرىّ أحمد الشامى، حيث قال إنّ السعوديّة جهّزت نفسها لإحتمال تعرّض تجارتها البتروليّة الى مضايقات فى باب المندب عن طريق خطّ أنابيب ضخم لنقل النفط من شرق السعوديّة الى غربها والعكس، ولفت الى أنّه حتّى فى حال تكرار هجمات الحوثيّين على ناقلات النفط السعودىّ وتعليق السعوديّة صادرتها النفطيّة عبر باب المندب، فإنّ ذلك لن يؤثّر فى شكل حادّ على إيرادات قناة السويس.
واتّفق معه في الرأى المستشار المالىّ والإقتصاديّ لعدد من المؤسّسات الاستثماريّة خالد الشافعى، حيث قال: "وقف السعوديّة تصدير النفط عبر باب المندب أدّى الى إرتفاع ملحوظ في أسعار النفط، وربّما يرتفع سعر متوسّط برميل النفط من 67 دولاراً الى 75 دولاراً إذا عاودت السعوديّة تطبيق قرارها، أى بزيادة نسبتها حوالى 12%، ممّا سيؤدّى الى تعميق عجز الموازنة، لأنّ الموازنة العامّة للدولة لعام 2018 قدّرت متوسّط سعر برميل النفط بـ67 دولاراً"، وتوقّع الشافعى أن تساهم عودة السعوديّة فى تصدير النفط عبر باب المندب فى خفض سعر برميل النفط، مشيراً الى أنّ توقّف التصدير مجدّداً عبر باب المندب ربّما يقود الى نتيجة إرتفاع سعر النفط نفسه، "لذلك لا بدّ أن تتّخذ مصر إجراءات حاسمة تجاه تأمين الملاحة فى المضيق"، على حدّ قوله.
وقال الخبير والمحامى فى مجال القانون الدولىّ سعد حسين إنّ تعرّض الحوثيّين لناقلات النفط السعودىّ أو غيرها فى باب المندب سينقل رسالة خطر الى الأطراف والدول كافّة الراغبة فى نقل تجارتها عبر المسار نفسه الى قناة السويس، "وبالتالى فإنّ ذلك سيؤثّر على إيرادات القناة فى شكل مباشر عندما تخاف العديد من الدول من تمرير تجارتها عبر مضيق باب المندب".
لذا يبدو أنّ مصر حرصت على إقناع السعوديّة بتعديل قرارها تجاه المضيق، خوفاً من تأثير القرار على إرتفاع أسعار النفط العالمىّ، ممّا سيعمّق عجز الموازنة وخوفاً من التأثير السلبىّ للقرار على الملاحة فى مضيق باب المندب ومنه الى قناة السويس، لذا من المتوقّع أن تقوم مصر بتحرّكات فاعلة فى الأيّام المقبلة، خصوصاً بعد التدريب البحرىّ المشترك، لتأمين المضيق الذى يعتبر شريان الحياة لقناة السويس.اليوم المصرية
كثب /ايمن بحر
بعد أيّام من قرار المملكة العربيّة السعوديّة وقف تصدير النفط عبر مضيق باب المندب، الغت السعوديّة ذلك القرار تحت ضغوط ومساعٍ مصريّة، ولا تزال آراء المحلّلين الإقتصاديّين تتباين بين إيمان البعض بالتأثير الإيجابىّ لإلغاء القرار ومحدوديّة التأثير السلبىّ للقرار.
القاهرة - أعلن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنيّة السعودىّ خالد عبد العزيز الفالح، إستئناف المملكة تصدير النفط عبر مضيق باب المندب، بعدما كانت قد علّقت شحناتها النفطيّة كافّة المقرّر مرورها عبر المضيق منذ 26 تمّوز/يوليو، إثر هجوم من ميليشيات الحوثىّ فى اليمن على ناقلتى نفط سعوديّتين أثناء مرورهما فى اليوم نفسه.
وجاء قرار عودة تصدير النفط عبر باب المندب عقب ساعات من إنتهاء التدريبات البحريّة المشتركة فى البحر الأحمر بين الولايات المتّحدة الأميركيّة ومصر والسعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة، وهى التدريبات العسكريّة التى عرفت بإسم "تحيّة النسر 2018" واستمرّت من 26 تمّوز/يوليو وحتّى 4 آب/أغسطس، وكشف مصدر مطّلع فى هيئة قناة السويس، مفضّلاً عدم ذكر إسمه، أنّ السلطات العسكريّة المصريّة تفاوضت مع السلطات العسكريّة السعوديّة على هامش التدريب على سرعة إنهاء تعليق تصدير النفط عبر باب المندب، وقال المصدر المطّلع فى تصريحات مقتضبة إنّ تعليق تصدير النفط السعودىّ عبر باب المندب كان سيتسبّب فى أزمة كبرى للملاحة فى قناة السويس التى تأمل الدولة المصريّة أن تكون قاطرة لدفع الإقتصاد المصرىّ الى الأمام فى السنوات المقبلة، من خلال تنمية محور قناة السويس بعدد من المشاريع الصناعيّة والزراعيّة واللوجيسيتيّة، مشيراً الى أنّ القرار السعودىّ كاد يعطّل الطموحات المصريّة فى قناة السويس.
ويذكر أنّ رئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش قال فى تصريحات صحفيّة، تعليقاً على القرار السعودىّ، إنّ القيادة السياسيّة المصريّة أوصت بدراسة أبعاد إستهداف الحوثيّين فى اليمن ناقلات النفط السعوديّة فى باب المندب على قناة السويس سياسيّاً وماليّاً وعسكريّاً، مشيراً الى أنّ الهيئة تعكف فى الوقت الحالىّ على دراسة هذا الحدث وتداعياته، وشدّد على أنّ الدول المعنيّة بأمن البحر الأحمر ستّتخذ إجراءات تأمين لمنع تكرار هذا الحدث مرّة أخرى، مضيفاً: "الحوثيّون يطوّرون أدائهم، ونحن سنطوّر أداءنا للدفاع عن أهدافنا الحيويّة".
وفي هذا السياق، قال أستاذ الإقتصاد الدولىّ في كلّيّة التجارة فى جامعة الأزهر مختار الشريف إنّ "مصر حقّقت نجاحاً بإقناعها السعوديّة بإعادة تصدير النفط عبر باب المندب"، مشيراً الى أنّ مرور ناقلات النفط من موانئ شرق السعوديّة الى مضيق هرمز ثمّ البحر العربىّ وباب المندب الى البحر الأحمر وقناة السويس يمثّل عنصراً مهمّاً للإقتصاد المصرىّ، وأنّ تعليق أىّ دولة تجارتها من خلاله يمثّل من دون شكّ خسارة فادحة لقناة السويس، وحذّر الشريف من تكرار توجيه الحوثيّين ضربات الى ناقلات النفط السعودىّ، مشيراً الى أنّ قناة السويس تساهم بحوالى 2,2% من الناتج المحلّىّ الإجمالى لمصر، وفقاً لإحصاءات عام 2017، كما أنّها تعدّ أحد المصادر الخمسة الأولى للعملة الصعبة بعدما عانت مصر تراجعاً فى موارد النقد الأجنبىّ فى عامى 2015 و2016.
وقال أستاذ النقل البحرىّ ورئيس جامعة قناة السويس الأسبق على البسيونى "إنّ أضرار التوتّرات فى باب المندب والقرار السعودىّ كانت طفيفة ومحدودة على الإقتصاد المصرىّ"، مفسّراً ذلك بأنّ أغلب صادرات النفط السعودىّ تتّجه من السواحل الغربيّة للسعوديّة على البحر الأحمر الى قناة السويس مباشرةً، وأشار الى أنّ توتّرات باب المندب ستؤثّر على صادرات النفط من الموانئ على السواحل الشرقيّة للسعوديّة والتى تمرّ من هرمز الى البحر العربىّ ومنه الى باب المندب ثمّ البحر الأحمر وقناة السويس، ولفت الى أنّه من الممكن تمرير صادرات النفط السعوديّة برّاً من شرق المملكة الى غربها، ثمّ تسلك تلك الصادرات مسار البحر الأحمر ثمّ قناة السويس، من دون المرور بباب المندب على الإطلاق، "لذلك يبدو التأثير محدوداً الى حدّ كبير"، على حدّ قوله.
واتّفق معه فى الرأى الخبير والمستشار اللوجيستىّ لعدد من شركات النقل البحرىّ أحمد الشامى، حيث قال إنّ السعوديّة جهّزت نفسها لإحتمال تعرّض تجارتها البتروليّة الى مضايقات فى باب المندب عن طريق خطّ أنابيب ضخم لنقل النفط من شرق السعوديّة الى غربها والعكس، ولفت الى أنّه حتّى فى حال تكرار هجمات الحوثيّين على ناقلات النفط السعودىّ وتعليق السعوديّة صادرتها النفطيّة عبر باب المندب، فإنّ ذلك لن يؤثّر فى شكل حادّ على إيرادات قناة السويس.
واتّفق معه في الرأى المستشار المالىّ والإقتصاديّ لعدد من المؤسّسات الاستثماريّة خالد الشافعى، حيث قال: "وقف السعوديّة تصدير النفط عبر باب المندب أدّى الى إرتفاع ملحوظ في أسعار النفط، وربّما يرتفع سعر متوسّط برميل النفط من 67 دولاراً الى 75 دولاراً إذا عاودت السعوديّة تطبيق قرارها، أى بزيادة نسبتها حوالى 12%، ممّا سيؤدّى الى تعميق عجز الموازنة، لأنّ الموازنة العامّة للدولة لعام 2018 قدّرت متوسّط سعر برميل النفط بـ67 دولاراً"، وتوقّع الشافعى أن تساهم عودة السعوديّة فى تصدير النفط عبر باب المندب فى خفض سعر برميل النفط، مشيراً الى أنّ توقّف التصدير مجدّداً عبر باب المندب ربّما يقود الى نتيجة إرتفاع سعر النفط نفسه، "لذلك لا بدّ أن تتّخذ مصر إجراءات حاسمة تجاه تأمين الملاحة فى المضيق"، على حدّ قوله.
وقال الخبير والمحامى فى مجال القانون الدولىّ سعد حسين إنّ تعرّض الحوثيّين لناقلات النفط السعودىّ أو غيرها فى باب المندب سينقل رسالة خطر الى الأطراف والدول كافّة الراغبة فى نقل تجارتها عبر المسار نفسه الى قناة السويس، "وبالتالى فإنّ ذلك سيؤثّر على إيرادات القناة فى شكل مباشر عندما تخاف العديد من الدول من تمرير تجارتها عبر مضيق باب المندب".
لذا يبدو أنّ مصر حرصت على إقناع السعوديّة بتعديل قرارها تجاه المضيق، خوفاً من تأثير القرار على إرتفاع أسعار النفط العالمىّ، ممّا سيعمّق عجز الموازنة وخوفاً من التأثير السلبىّ للقرار على الملاحة فى مضيق باب المندب ومنه الى قناة السويس، لذا من المتوقّع أن تقوم مصر بتحرّكات فاعلة فى الأيّام المقبلة، خصوصاً بعد التدريب البحرىّ المشترك، لتأمين المضيق الذى يعتبر شريان الحياة لقناة السويس.اليوم المصرية